اندلعت إذن في هذه المنطقة انتفاضة 1906 التي مثلت انتقال الفلاحين بها من
حالة الخضوع السلبي للاستعمار الفرنسي إلى التمرّد المسلّح ضدّه، فكانت أوّل انتفاضة
دامية بعد المقاومة البدوية الكبرى سنة 1881 . ولقد شاركت في هذه الانتفاضة
بدرجات متفاوتة «عروش » الفراشيش الثلاثة، وكان لها وزنها العدديّ بالقياس إلى
القبائل الأخرى في البلاد آنذاك. وأحدثت هذه الانتفاضة، رغم محدوديّتها في الزمان
والمكان، صدى واسعا على المستويين التونسي والعالمي. لكنّ الإمبريالية كانت في
أوج قوّتها، في حين كانت محاولات التحرّر منها في المستعمرات وأنصاف المستعمرات
ضعيفة جدّا أو بصدد التكوين. لذا لم تكن حركات تحرير بل حركات تحريك لا
غير، ولم تشذ انتفاضة 1906 بالوسط الغربي التونسي عن هذه القاعدة.
ويرى المؤلف أنّه حان الوقت لإعادة الاعتبار إلى أبطال تونس «الصّامتين » الّذين
صنعوا خيراتها المادّية على امتداد مئات السنين وإبراز ما للفلاّحين وما عليهم حسب
كلّ مرحلة تاريخيّة مرّت بها البلاد.