يعجّ هذا الكتاب بعديد المعلومات الجغرافيّة والتاريخيّة والاثنوغرافيّة والاقتصاديّة،
بل يمكن أن يصنّف في فنّ العجائب أو في نوع كتب الهيئة، وتتوالى فيه المسالك
ووصف البلدان والشعوب والمدن وتمتزج بالملح والأساطير والاستطرادات التاريخيّة
ويبقى انتباه القارئ دائم اليقظة.
واللافت للنظر أنّ البكري لا يحدّثنا أبدا عمّا شاهده بنفسه، وليست له تجربة
مباشرة تتعلّق بالبلدان التي وصفها، وذلك خلافا لأبرز سابقيه من أعلام العصر
الكلاسيكي المشرقيّ أمثال ابن حوقل والاصطخري والمسعودي. فقد اقتبس من
مصادر مكتوبة تاريخيّة وجغرافيّة وأدبيّة من المفروض أنّه كان يمتلكها، فحفظ
بذلك كتبا كادت تتلاشى، وخاصّة كتاب «الأعلاق النفيسة » لابن رسته الذي يعدّ
أبرز مصدر من مصادره.