يعدّ هذا الكتاب مصدرا أساسيّا لما صُنّف بعده من أمّهات معاجمنا الكبرى مثل الصحّاح
للجوهري والمخصّص لابن سيدة وغيرهما. لكنّنا لا نستطيع اعتباره معجما بل هو
في المنزلة بين المنزلتين في تاريخ المعاجم العربية لمكانته بين الرسائل المفردة
والمعاجم المهيكلة. فهو يمثل إذن مرحلة من مراحل «المعجمة » للغة العربية.
ولئن كان يسود الاعتقاد أنّ غريب اللغة مهجور، يستغنى عنه لغرابته وندرة
استعماله، فالواقع أنّه ممّا يحتاج إليه لوضع المصطلحات الحديثة في شتّى الميادين.
فهو يمثّل «ذاكرة تاريخية » عجيبة من الاستعمالات المنسيّة التي تظنّ مفقودة.
يكفي إذن أن نقرأ هذا الكتاب لنتعجّب من القدرات التعبيريّة التي يوفِّرها للمستفيد
منه، خاصّة أنّ أبا عبيد القاسم بن سلام لا يقدّم المفردات في قوائم جافة بل في
سياقاتها من الشواهد الشعريّة في الغالب.